اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 483
وتسويلاته ليتيسر لهم الحذر عن وساوس أعوانه وانصاره الذين هم جنود الأوهام والخيالات الباطلة والأماني الكاذبة الناشئة من صولة الامارة المكارة الامكانية المستولية على القوى الوجوبية الروحانية
فقال وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اى اذكر لهم يا أكمل الرسل وقت إذ قلنا للملائكة المعترضين لنا على اصطفائنا آدم للخلافة والنيابة بعد افحامنا والزامنا إياهم بما الزمناهم اسْجُدُوا تواضعوا وتذللوا على وجه الخضوع والانكسار تكريما وتعظيما لِآدَمَ النائب المستخلف عنا بعد ما ظهر عندكم وعليكم فضله وشرفه واستحقاقه ورجحانه لأمر الخلافة فَسَجَدُوا بعد ما سمعوا متذللين امتثالا للأمر الوجوبي إِلَّا إِبْلِيسَ منهم قد ابى واستكبر ولم يسجد له بل قد علل بأنواع العلل العاطلة وجادل بأصناف المجادلات الباطلة الناشئة من خباثة فطرته وفطنته على ما سمعت غير مرة وانما امتنع وابى لأنه قد كانَ مِنَ الْجِنِّ في اصل خلقته فلحق بالملائكة لحكمة سابقة فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ حسب خلقته الاصلية وجبلته الفطرية أَفَتَتَّخِذُونَهُ وتأخذونه ايها المغرورون بتغريراته والمائلون الى تلبيساته وتزويراته سيما بعد ظهور هذه العداوة الظاهرة وَتتخذون ايضا ذُرِّيَّتَهُ المختلطة معكم المرتكزة في نفوسكم وقواكم اللاتي هي أعدى أعاديكم يترددون بين جنوبكم ويحومون حول قلوبكم أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي حيث تفوضون أموركم إليهم ليوالوا لكم وَالحال انه هُمْ أصلهم وفرعهم لَكُمْ عَدُوٌّ قديم مستمر وبالجملة بِئْسَ الشيطان وذريته وايضا بئس ولايتهما لِلظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضى أوامرنا ونواهينا بَدَلًا عنا وعن ولايتنا إياهم. عن يحيى بن معاذ رضى الله عنه لا يكون من اولياء الله ولا يبلغ مقام الولاية من نظر الى شيء دونه واعتمد على سواه ولم يميز بين معاديه ومواليه ولم يعلم حال إقباله من حال إدباره انتهى فكيف تتخذون ايها الحمقى المسرفون إبليس وذريته أولياء من دوني
مع انى ما أَشْهَدْتُهُمْ واحضرتهم اى إبليس وجنوده خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى وقت خلقهما وايجادهما ليعاونوا ويظاهروا على حتى تتخذوهم اولياء غيرى شركاء معى سيما في استحقاق العبادة وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ايضا اى لا احضر بعضهم عند خلق بعض منهم وَبالجملة انا مستقل بالخلق والإيجاد بل في الوجود ولذلك ما كُنْتُ في خلق الأشياء وإيجادها وإظهارها محتاجا الى المعين والظهير أصلا فكيف قد كنت مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ الضالين عن ساحة عز الحضور عَضُداً أعوانا وأنصارا اعتضد وانتصر بهم حتى تشاركوهم أنتم بي سيما في استحقاق العبادة والإطاعة بل ترجحونهم على بالمحبة والولاية
وَاذكر لهم يا أكمل الرسل يَوْمَ يَقُولُ الله على سبيل التعبير والتقريع للكفار والمشركين نادُوا وادعوا ايها المنهمكون في الغي والضلال شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ انهم شفعاؤكم اليوم لذلك قد عبدتم لهم مثل عبادتي بل احسن منها حتى ينقذوكم من عذابي ويشفعوا لكم عندي فَدَعَوْهُمْ حينئذ صارخين مستغيثين فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ولم يجيبوا عنهم إذ هم حينئذ مشغولون بحالهم عنهم مأخوذون بوبالهم وَمع ذلك قد جَعَلْنا بَيْنَهُمْ اى بين العابدين ومعبوديهم مَوْبِقاً مهلكا عظيما واديا هائلا غائرا عميقا من اودية جهنم مملوة بالنار بحيث لا يمكن وصولهم أصلا
وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ يعنى بعد ما عرضوا وحوسبوا وسيقوا نحو جهنم ليعذب فيها كل بمقتضى ما كسب من المعاصي والآثام الموجبة للاخذ والانتقام فَظَنُّوا بل تيقنوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ملاصقوها وداخلوها البتة وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً معدلا ومنصرفا سواها لينصرفوا
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 483